توفر برامج الجنسية عن طريق الاستثمار تدفقات كبيرة من الأموال النقدية والاستثمارات الرأسمالية إلى البلدان التي تقدمها، ولكنها في الوقت نفسه قد تعرض البلاد لمخاطر عالية تشمل الأعمال الإجرامية والمخالفات المالية أو غسل الأموال. وتفاديًا لتلك المخاطر، تعمد الدول والجهات التنظيمية إلى اتخاذ إجراءات العناية الواجبة الحاسمة لضمان منح الجنسية للمستثمرين الموثوقين وذوي السمعة الطيبة فقط. لذلك، تخضع الطلبات المقدمة من قبل المستثمرين أو الأفراد وأصحاب الثروات العالية للتدقيق والمراجعة لتفادي التعرض لأي مخاطر أمنية وجرائم مالية.
تعتبر العناية الواجبة خطوة حاسمة في عملية الحصول على الجنسية عن طريق الاستثمار، وهي تعني الاطلاع على مسيرة مقدم الطلب وجمع المعلومات عنه وإجراء تحقيق شامل عن وضعه الاقتصادي والقانوني والضريبي والمالي قبل منحه الجنسية أو الإقامة. والهدف من هذه الخطوة التأكد من أن مقدمي الطلب هو إضافة آمنة للبلد المضيف وليس لديه تاريخ إجرامي لتفادي وقوع أعمال إجرامية مثل السرقة أو الاختلاس أو غسيل الأموال وغيرها. وقد طورت الدول الكاريبية التي تقدم برامج الجنسية عن طريق الاستثمار إجراءات العناية الواجبة لفهم الأفراد أو المستثمرين وعائلاتهم الذين يتقدمون للحصول على الجنسية البديلة بشكل أفضل.
متطلبات العناية الواجبة الأساسية
تعتبر إجراءات العناية الواجبة الجزء الأطول في رحلة الحصول على جنسية أو إقامة عن طريق الاستثمار، حيث تستغرق شهورًا لإنهائها وتحتاج إلى تدخل العديد من الأطراف لضمان معرفة كامل التفاصيل وخلفية مقدم الطلب. وتتضمن الوثائق الأساسية المطلوبة لهذه العملية المستندات التعريفية لمقدم الطلب للتأكد أنها أصلية وغير مزورة، بالإضافة إلى أرقام وبيانات الحساب المصرفي لتحديد ما إذا كان لديه ما يكفي من المال لتحمل تكاليف الجنسية عن طريق برامج الاستثمار كاملة.
كما يتم أيضًا التدقيق بسلوك المستثمر التجاري وسمعته والبحث عن التزاماته غير المعلنة. وتتضمن إجراءات العناية الواجبة التدقيق في سجل مقدم الطلب التعليمي والوظيفي والتراخيص والشهادات والجوائز الحاصل عليها وتاريخه الجنائي، وقد يشمل ذلك البحث في بيانات مختلفة وجمع معلومات استخباراتية من كيانات محلية وأجنبية مثل الإنتربول ومكتب التحقيقات الفيدرالي.
أهمية العناية الواجبة
لضمان استمرارية ونجاح برنامج الجنسية أو الإقامة عن طريق الاستثمار، ينبغي وجود مستوى عال وقوي من العناية الواجبة التي تجمع بين المراجعات الحكومية الداخلية والبحث الذي تجريه شركات متخصصة خارجية والتقييمات من قبل الهيئات الإقليمية والدولية. إن تنفيذ العناية الواجبة بشكل دقيق وسليم لا يحمي الأمة وسكانها فحسب، بل سمعة البرنامج وشركائه الدوليين، فإذا فشلت الحكومات في اتخاذ إجراءات العناية الواجبة على محمل الجد، قد يسبب ذلك أضرارًا لسمعة البلد المضيف، وبالتالي إنهاء برنامج الجنسية الخاص بها في وقت مبكر. يعتبر إدخال أشخاص جدد إلى المجتمع مسؤولية كبيرة، لذا تحرص الدول على التأكد من أن الوافدين الجدد أشخاص مسؤولون. وتدرك جميع برامج الجنسية عن طريق الاستثمار الناجحة أهمية الدور الذي تلعبه العناية الواجبة في الحفاظ على سمعة وشعبية برامجها.
غالبًا ما يكون المتقدمون بطلب الحصول على الجنسية عن طريق الاستثمار رواد أعمال مجتهدين يبحثون عن الملاذ الآمن لاستثماراتهم، والفرص الواعدة لتطوير أعمالهم، لذلك ثمة حالات قليلة جدًا من الاحتيال أو تزوير المستندات. وبالنسبة لمقدم الطلب الذي يسعى لتجنب الملاحقة القضائية في بلد ما، فإن الحصول على جنسية ثانية ليس الحل المناسب، نظرًا إلى أنه يتم الكشف عنهم بفضل النظام المطبق الذي يسمح للطرف الثالث بالاطلاع على جميع بيانات مقدم الطلب وسجلاته، وبالتالي يضمن هذا الإجراء سلامة وأمن البلد وسكانه الجدد.
وفقًا لمؤشر برامج الجنسية عن طريق الاستثمار 2022، تحظى دومينيكا وجرينادا ومالطا وسانت كيتس ونيفيس بدرجات مثالية في ما يتعلق بالعناية الواجبة وذلك بفضل متطلباتها الصارمة والشاملة التي تشمل تأمين جواز سفر بيومتري فضلًا عن إجراءات خارجية صارمة وتدقيق ميداني، فضلًا عن أن تلك الدول تطلب المساعدة من قبل وكالات وأجهزة إنفاذ القانون الدولية وشهادات من الشرطة من البلد الأم، ومعلومات شاملة عن مصدر أموال مقدم الطلب، وكذلك التعمق في إجراءات العناية الواجبة لمقدمي الطلبات من جنسيات معينة. وقد حصلت دول سانت لوسيا وأنتيغوا وباربودا والجبل الأسود على رصيد تسعة في ما يتعلق بالعناية الواجبة.
بناءً على أسس وقواعد العناية الواجبة، يتم منح الجنسية لمقدم الطلب الذي ليس لديه “علامات حمراء” ويمكنه تحمل تكلفة الجنسية. تختلف رسوم العناية الواجبة وفقًا لبرامج الجنسية عن طريق الاستثمار لكنها تبدأ من 5 آلاف دولار وترتفع وفق البرنامج. لمعرفة المزيد عن إجراءاتها في برامج الجنسية عن طريق الاستثمار