في الفترة الممتدة من العام 2015 إلى العام 2024، شهدت البرامج الكاريبية للجنسية عن طريق الاستثمار تحسنًا ملحوظًا في ترتيبها العالمي وعدد الدول التي يمكن لمواطنيها دخولها بدون تأشيرة. ويثبت هذا التحسن الذي أحرزته على مدار السنوات العشر الماضية موقع هذه الدول عالميًا وأهمية علاقاتها مع الدول الأخرى، كما يعكس حرية التنقل التي توفرها لحاملي جنسيتها.
سنعرض في هذا المقال، النمو الذي حققته تطور جوازات السفر الكاريبية وتطور ترتيبها خلال عشر سنوات، وسنتعمق أكثر في علاقات تلك الدول الاقتصادية والدبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي.
تطور جوازات السفر الكاريبية
جواز سفر سانت كيتس ونيفيس في الصدارة
حقق جواز سفر سانت كيتس ونيفيس قفزة نوعية على مدار السنوات العشر الماضية، حيث ارتفع من المرتبة 29 عام 2015 إلى المرتبة 25 عام 2024، وشهد أعلى زيادة في عدد الدول التي يمكن السفر إليها دون تأشيرة بين دول الكاريبي. وزاد عدد الدول التي يمكن لحامليه السفر إليها دون تأشيرة بمعدل 3 دول سنويًا ليبلغ 157 دولة من ضمنها دول منطقة الشنغن والمملكة المتحدة وروسيا وهونغ كونغ وسنغافورة، ومؤخراً أضيفت كازخستان والسعودية إلى اللائحة.
بشكل عام، تتمتع سانت كيتس ونيفيس بعلاقات دبلوماسية قوية مع العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا، وكانت في العام 2009، توصلت إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي للسفر إليه بدون تأشيرة.
وفي محاولة للالتزام بالمبادئ الستة التي وضعها الاتحاد الأوروبي لبرامج الجنسية عن طريق الاستثمار في منطقة البحر الكاريبي، ضاعفت سانت كيتس ونيفيس الحد الأدنى للمساهمة المالية من 125 ألف إلى 250 ألف دولار وللاستثمار العقاري من 200 ألف دولار إلى 400 ألف دولار.
كما فرضت سانت كيتس على جميع المتقدمين إجراء مقابلة مع وحدة الجنسية عن طريق الاستثمار أو مع شركة مهنية مستقلة بتكليف منها. وأعلنت وحدة الجنسية إنها ستكلف شركات مهنية مستقلة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأوروبا بإجراء التدقيق والعناية الواجبة على جميع المتقدمين.
وجدير بالذكر أن سانت كيتس ونيفيس تبذل جهودًا حثيثة لتوسيع نفوذها الدولي وتعزيز اقتصادها من خلال الانضمام إلى الدول الفرنكوفونية، مما يعكس التزامها بتعزيز العلاقات العالمية والتنمية الاقتصادية. وتعتبر الفرنكوفونية مجموعة من الدول المرموقة تضم 88 دولة وحكومة عضو ومراقبين، يتحدثون اللغة الفرنسية ويدعمون القيم المشتركة.
أنتيغوا وباربودا: حركة تنقل استثنائية
شهد جواز سفر أنتيغوا وبربودا تحسنًا ملحوظًا أيضًا، حيث ارتفع من المرتبة 28 عام 2015 إلى المرتبة 27 عام 2024. ويعتبر جواز سفرها مرغوبًا للغاية، حيث ارتفع عدد الدول التي يمكن لحامليه السفر إليها دون تأشيرة من 130 دولة عام 2015 إلى 154 دولة عام 2024، بزيادة قدرها 18.5%. وحققت البلاد إنجازاً جديداً مؤخراً حيث ضمت الصين إلى لائحتها.
وقعت أنتيغوا وباربودا مع الاتحاد الأوروبي معاهدة الإعفاء من الحصول على تأشيرة الإقامة القصيرة في العام 2009، وفي أكتوبر 2014، سمح مجلس الاتحاد الأوروبي بإجراء مفاوضات لتعديل اتفاقية الإعفاء من تأشيرة الإقامة القصيرة بين البلدين، ليتم التوقيع عليها في أكتوبر 2016. وبشكل عام، تحافظ أنتيغوا وباربودا على مستوى جيد من العلاقات الدبلوماسية مع الشركاء الإقليميين بما في ذلك بريطانيا والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وتقوم بأعمال فعالة في المنظمات الدولية. وتعتمد الدولة في سياستها على مبدأ حسن الجوار والاحترام المتبادل، وتركز أساسًا على الحصول على المساعدة الاقتصادية الدولية وكفالة التعاون الاقتصادي الفعال.
ويعتبر برنامج أنتيغوا وباربودا للجنسية عن طريق الاستثمار خيارًا جاذبًا للعائلات الكبيرة نظرًا لأسعاره التنافسية، فضلًا عن أنه يسمح بإدراج الأشقاء غير المتزوجين في طلب واحد بغض النظر عن أعمارهم، مما يضمن تمتع الجميع بمزايا هذه الدولة الآسرة.
غرينادا: علاقات دبلوماسية قوية
حقق جواز سفر غرينادا تقدمًا كبيرًا، حيث ارتفع من المرتبة 40 عام 2015 إلى المرتبة 32 عام 2024، وازداد عدد الدول التي يمكن لحامليه السفر إليها دون تأشيرة من 101 دولة عام 2015 إلى 148 دولة عام 2024، بزيادة قدرها 46.5%. ويتمتع حاملو جوازات سفر غرينادا بإمكانية السفر الفوري إلى الوجهات الرئيسية في العالم، بما في ذلك سنغافورة والمملكة المتحدة وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي.
علاقة غرينادا بالاتحاد الأوروبي قوية جداً، فعلى سبيل المثال في عام 2013، وقعت على اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع الاتحاد الأوروبي بهدف تعزيز التجارة والاستثمار بين الطرفين. وتتعاون غرينادا مع الاتحاد الأوروبي في ثلاثة مجالات رئيسية، تشمل “الصفقات الخضراء” و”المرونة الاقتصادية والتجارية” بالإضافة إلى “الحوكمة والأمن والتنمية البشرية”. وتتمتع غرينادا أيضًا بعلاقات خارجية قوية مع الصين والولايات المتحدة التي وقعت معها معاهدة تأشيرة E-2.
سانت لوسيا: تقدم بنسبة 56% خلال عشر سنوات
شهد جواز سفر سانت لوسيا تحسنًا ملحوظاً أيضاً، حيث ارتفع من المرتبة 37 عام 2015 إلى المرتبة 32 عام 2024. وقد حقق جواز سفر تلك الدولة نموًا قدره 55.8% خلال عشر سنوات، حيث ازداد عدد الدول التي يمكن لحامليه السفر إليها دون تأشيرة من 95 دولة عام 2015 إلى 148 دولة عام 2024، بما في ذلك المملكة المتحدة ومنطقة شنغن وروسيا وهونج كونج وسنغافورة ومختلف دول أمريكا اللاتينية.
تحافظ سانت لوسيا على علاقات قوية وودية مع الاتحاد الأوروبي، فعلى سبيل المثال، وقع الطرفان في العام 2008 اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة بهدف تعزيز التجارة والاستثمار. وفي أبريل 2015، وقعت سانت لوسيا اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لتوفير إمكانية الوصول بدون تأشيرة لحاملي جنسيتها إلى الاتحاد الأوروبي لمدة أقصاها 90 يومًا خلال فترة ستة أشهر
دومينيكا: تقدم ملفت
حقق جواز سفر دومينيكا تقدمًا ملفتاً، حيث ارتفع من المرتبة 42 عام 2015 إلى المرتبة 34 عام 2024، بزيادة قدرها 49.9%. وارتفع عدد الدول التي يمكن لحامليه السفر إليها دون تأشيرة من 96 دولة عام 2015 إلى 144 دولة عام 2024، بما في ذلك سنغافورة والمملكة المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي وغيرها من الوجهات العالمية.
تمتلك دومينيكا علاقة قوية جدًا مع الاتحاد الأوروبي، حيث وقع الطرفان في عام 2008، على اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة بهدف تعزيز التجارة والاستثمار. وعقد الاثنان اجتماعًا في العام الماضي لمراجعة المشاريع التي يتم تنفيذها في دومينيكا وكذلك اتخاذ قرار بشأن المشاريع الجديدة للسنوات القادمة، وقد تم استعراض التقدم المحرز والإنجازات التي تم تحقيقها على مر السنين، وينظرون في الوقت نفسه إلى العقبات والتحديات لإيجاد الحلول لها.
الاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد الأوروبي
تاريخياً، كانت دول الكاريبي مستعمرات أوروبية لعدة قرون، وكان لهذه الحقبة تأثير عميق على العلاقة بين الدول الكاريبية وأوروبا وبريطانيا.
ومن الناحية الاقتصادية، تُعدّ دول الكاريبية مصدرًا مهمًا للمواد الخام لأوروبا وبريطانيا ووجهة سياحية رئيسة لمواطنيها، وأيضًا سوقًا مهمًا لمنتجاتها. كما تستثمر أوروبا وبريطانيا بكثافة في دول الكاريبي، خصوصًا في قطاعي السياحة والزراعة. وفي أكتوبر 2008، وقعت الدول الكاريبية، بما فيها أنتيغوا وباربودا، ودومينيكا، وغرينادا، وسانت لوسيا، وسانت كيتس ونيفيس، على اتفاقية الشراكة الاقتصادية بين المنتدى الكاريبي والاتحاد الأوروبي.
ويعد الاتحاد الأوروبي ثالث أكبر شريك تجاري لمنتدى الكاريبي بعد الولايات المتحدة. وتتضمن الصادرات الرئيسية من منطقة البحر الكاريبي إلى الاتحاد الأوروبي الوقود ومنتجات التعدين، ولا سيما الغاز والنفط والزيوت والموز والسكر والمعادن (كالذهب والألمونيوم وأكسيد الألومنيوم)، ومنتجات خام الحديد، والأسمدة. أما الواردات الرئيسية إلى منطقة البحر الكاريبي من الاتحاد الأوروبي فتشمل القوارب والسفن والسيارات ومركبات البناء وأجزاء المحركات ومعدات الهاتف والحليب والمشروبات الروحية.
تساهم اتفاقية الشراكة الاقتصادية في تعزيز الاستثمار والتجارة بين الطرفين، وتتيح إمكانية وصول الدول الكاريبية إلى أسواق الاتحاد الأوروبي وإلى الخدمات التي توفرها، بما في ذلك الصناعات الإبداعية والترفيهية. وتضمن الاتفاقية إمكانية دخول البضائع والمنتجات إلى أسواق الاتحاد الأوروبي بدون رسوم جمركية، كما تحرر صادرات الاتحاد الأوروبي من الرسوم تدريجيًا على مدى 25 عامًا. وتسمح الاتفاقية أيضًا لشركات CARIFORUM بتأسيس وجود تجاري لها في الاتحاد الأوروبي. تتضمن اتفاقية الشراكة الاقتصادية اتفاقية تجارة حرة تسمح بتبادل السلع بين المنطقتين، حيث إنها على خلاف اتفاقيات التجارة الحرة الأخرى، تسهم في تسهيل عملية التجارة والاستثمار بين الطرفين وممارسة الأعمال التجارية في منطقة البحر الكاريبي، وفي وضع القواعد لضمان المنافسة العادلة.
دبلوماسيًا، تتمتع دول الكاريبي بعلاقات دبلوماسية وثيقة مع أوروبا وبريطانيا، حيث يتعاون الطرفان في العديد من المجالات، مثل التنمية الاقتصادية، ومكافحة الفقر، والتغير المناخي، والأمن، وغيرها. وجغرافياً، تقع دول الكاريبي في منطقة استراتيجية على مفترق الطرق بين أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا.
[1] https://www.sknis.gov.kn/2023/12/28/st-kitts-and-nevis-pursues-enhanced-global-presence-by-seeking-membership-in-la-francophonie/
[2] https://data.consilium.europa.eu/doc/document/ST-7107-2015-INIT/en/pdf
[3] http://www.news.gov.dm/news/2615-dominica-and-eu-discuss-the-way-forward
[4] https://policy.trade.ec.europa.eu/eu-trade-relationships-country-and-region/countries-and-regions/caribbean_en