ضمن إطار المساعي الرامية لتعزيز التعاون وبناء شراكات استراتيجية وفتح آفاق جديدة للعلاقات بين قمة السعودية مع الدول الكاريبية، انعقدت “القمة السعودية مع دول الكاريكوم” في الرياض، وهي القمة الأولى من نوعها التي تعقد بين الطرفين على مستوى قادة الدول وتجسد انفتاح المملكة على الشراكة مع التكتلات الفاعلة في المجتمع الدولي بناء على القيم والمصالح المشتركة.
ما هي أهمية هذه القمة؟ وكيف ستنعكس على المستثمرين وخصوصاً الحاصلين على جوازات السفر الكاريبية؟
أهمية القمة السعودية مع دول الكاريكوم
تعزيز العلاقات الاقتصادية
يُسهم انعقاد قمة السعودية مع الدول الكاريبية في تأسيس شراكة استراتيجية مستقبلية بين المملكة ودول رابطة الكاريبي (الكاريكوم) التي تضم عدداً من الدول التي تقدم برامج الجنسية عن طريق الاستثمار، ويتيح فرصًا لتطوير العلاقات التجارية والاستثمارية بين الطرفين، ويفتح المجال أمام المستثمرين السعوديين من جهة ومواطنو الدول الكاريبية للاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة في قطاعات السياحة والصناعات الغذائية والزراعية والطاقة والخدمات المالية، وتبادل الخبرات والأبحاث والتقنيات الحديثة.
تعزيز العلاقات الدبلوماسية وإمكانية فتح سفارات
على صعيد العلاقات الدبلوماسية، قد تسهم هذه الاجتماعات في تعزيزها بين الطرفين بما يؤول لافتتاح سفارات للدول الكاريبية في السعودية أو تقديم تسهيلات للسفر من خلال إتاحة عملية التقديم على التأشيرة إلكترونيًا أو توقيع اتفاقية لإلغاء تأشيرات الدخول. وكانت المملكة قد اتخذت مؤخرًا مبادرة لافتة أتاحت لحاملي جنسية سانت كيتس ونيفيس التقدم بطلب الحصول على تأشيرة الزيارة إلكترونيًا أو مباشرة عند الوصول إلى أحد المنافد الدولية للمملكة.
الرحلات الجوية
بهدف تعزيز العلاقات بين دول الكاريكوم والمملكة، تم الإعلان خلال قمة السعودية مع الدول الكاريبية أن السعودية تناقش مسألة إطلاق رحلة طيران مباشرة إلى دول البحر الكاريبي من خلال شركة طيران الرياض. وقد تم اختبار رحلة جوية مباشرة مدتها 12 ساعة بين السعودية ومنطقة البحر الكاريبي بنجاح في 15 نوفمبر لتكون بمثابة بوابة عبور لأمريكا الجنوبية والشمالية، بما يسهل عملية السفر إلى الدول الكاريبية.
إرادة سياسية لمد جسور التعاون
خلال قمة السعودية مع الدول الكاريبية، أفصح رؤساء ووزراء من السعودية ودول الكاريكوم عن أن ملامح خريطة تعاون عميقة وشاملة بدأت في الظهور، في ظل توفر إرادة سياسية لقادة الدول من أجل بناء جسور بين منطقتي الشرق الأوسط والكاريبي. وقد شدد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال كلمته الافتتاحية، على أن تعزيز الشراكة بين الطرفين سيكتب فصولاً جديدة من العلاقات الاستراتيجية، لافتًا إلى “أن منطقة البحر الكاريبي تعد وجهة استثمارية واقتصادية ذات أولوية عالية للقطاعين العام والخاص في المملكة، ولذا ينضم إلينا في اجتماعنا الكثير من القادة والمؤثرين من كبريات الشركات السعودية، والمستثمرين السعوديين للمشاركة في هذه المناقشات المهمة، وسنبني اليوم على خطوات بدأناها ضمن شراكة استراتيجية بعيدة المدى بين المملكة ودول الكاريبي”.
أما رئيس الكاريكوم، رئيس وزراء دومينيكا، روزفلت سكريت، فأشار إلى أن هناك فرصاً رائعة للاستثمار مع حكومة المملكة والقطاع الخاص ومجالات كثيرة للتعاون معها في القطاع السياحي والزراعي والخدمات المالية الطاقة والغاز والتكنولوجيا والصناعة والعقارات والبنية التحتية والنقل. وفي حين أكد أن الدول الكاريبية مليئة بفرص النمو والاستثمار، قال: “نريد أن نبني على الخطوات التي اتُّخذت بالفعل من خلال ربط دول الكاريكوم مع المستثمرين السعوديين، الذين لديهم قصص نجاح عالمية مثيرة للإعجاب”.
قروض سعودية ميسرة لدعم الدول الكاريبية
وقبيل قمة السعودية مع الدول الكاريبية، وقع الصندوق السعودي للتنمية مذكرات تفاهم مع بعض الدول الكاريبية بهدف تقديم قروض ميسرة من شأنها تعزيز وتنمية تلك الدول، من بينها مذكرة تفاهم إطارية تنموية مع دومينيكا لتقديم قرض تنموي ميسر بقيمة 41 مليون دولار لمشروع إعادة تأهيل البنية التحتية في العاصمة روسو، ومذكرة تفاهم مع سانت كيتس ونيفيس لتقديم تمويل بقيمة 40 مليون دولار بهدف تمويل مشروع توسعة محطة كهرباء نيدسموست من أجل دعم إمدادات الطاقة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.
ويشار إلى أن الصندوق قدم منذ بداية هذا العام نحو 670 مليون دولار لتمويل 12 مشروعاً تنموياً في رابطة الدول الكاريبية، من ضمنها قروض ميسرة لتوسعة جامعة جزر الهند الغربية في انتيغوا وباربودا ومشروع البنية التحتية الذكية مناخيًا في غرينادا ومشروع إعادة بناء وتأهيل مستشفى سانت جود في سانت لوسيا.
مصداقية برامج الاستثمار
جدير بالذكر أن قمة السعودية مع الدول الكاريبية تعكس نية الدول الكاريبية الصادقة في تعميق فرص التعاون والشراكة مع دول الخليج، كما تثبت موقع هذه الدول الاستراتيجي على خارطة العالم السياسية والاقتصادية.
ويشار إلى أنّ 5 دول من اتحاد الكاريكوم تقدم برامج الجنسية عن طريق الاستثمار وهي أنتيغوا وباربودا ودومينيكا وسانت لوسيا وسانت كيتس ونيفيس وغرينادا.
وتحرص هذه الدول من خلال برامجها على استقطاب المستثمرين ورجال الأعمال ذوي السمعة الطيبة ومنحهم جنسيتها من خلال المساهمة باقتصاد البلاد بقيمة مالية قد تبدأ من 100 ألف دولار في بعض الدول، وذلك من أجل تعزيز الاقتصاد المحلي وتمويل مشاريع حيوية موجهة للمجتمع.
ومقابل هذا الاستثمار، تمنح تلك الدول المستثمرين مزايا متعددة تشمل إمكانية السفر إلى أكثر من 130 وجهة حول العالم من ضمنها منطقة الشنغن دون الحاجة إلى تأشيرة، وإعفاءات ضريبية على الثروات الميراث والدخل الأجنبي وأرباح رأس المال، فضلًا عن سهولة ممارسة الأعمال وإمكانية الاستثمار في قطاعات واعدة ومتنوعة.