مخاوف كثيرة تحيط ببرامج الجنسية الكاريبية عن طريق الاستثمار، وسط التوقعات والتنبؤات التي تشير إلى إمكانية توقفها والهواجس التي تتمثل بفرض قيود على إمكانية دخول حاملي الجنسية الكاريبية إلى منطقة الشنغن بدون تأشيرة، خصوصًا أن الاتحاد الأوروبي بعد الحرب الروسية-الأوكرانية، أصر على رفع الإجراءات الأمنية بشأن عملية الحصول على جوازات السفر الثانية بهدف التخفيف من المخاطر المرتبطة ببرامج الجنسية عن طريق الاستثمار 2024 .
ولكن، على الرغم من هذه المخاوف السائدة وخلافًا للشائعات، تنمو برامج الجنسية عن طريق الاستثمار وتتطور بشكل لافت، حيث تبذل الدول الكاريبية جهودًا حثيثة لتعزيز مكانة البرامج وذلك من خلال إقامة شراكات مع دول جديدة، وتعزيز مجموعة الدول التي تمنح إمكانية الدخول بدون تأشيرة، كما اتخذت تلك الدول العديد من الخطوات لتحسين شرعية ونزاهة برامجها. ويبشر هذا التطور المستمر للبرامج بإرساء مشهد ديناميكي ومرن، يزيل التكهنات السائدة حول إمكانية زوالها الوشيك أو فقدان الامتيازات الحاصلة عليها.
في هذ المقال، سنقدم تحليلًا شاملاً حول كيفية توسع برامج الجنسية الكاريبية عن طريق الاستثمار والخطوات الاستباقية التي تتخذها لضمان الامتثال ومعالجة المخاوف التي عبرت عنها سلطات الاتحاد الأوروبي.
إلغاء برامج الجنسية عن طريق الاستثمار 2024 ليس خيارًا واردًا
إن دول الكاريبي الخمس، التي تتألف من أنتيغوا وباربودا، ودومينيكا، وغرينادا، وسانت كيتس ونيفيس، وسانت لوسيا، عازمة على الاستمرار في برامجها للجنسية عن طريق الاستثمار وعدم التخلي عنها رغم الضغوط التي تواجهها من أوروبا والولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، قال وزير خارجية أنتيغوا وباربودا، شيت جرين في حديث سابق: “لن نستبق خسارة هذه المعركة، وسنحارب حتى النهاية. نملك كامل القوة لأننا ندير برنامجًا يتجاوز الشبهات ووفق أعلى المعايير”.
وتتوافق آراء جميع الدول الكاريبية على أن إلغاء برامجها ليس خيارا في الوقت الراهن، وذلك لأنها تعد ركائز حيوية للناتج المحلي الإجمالي، ورافعة أساسية للاقتصاد ومساهم رئيسي في النمو، وذلك بفضل الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تجلبها لتلك الدول.
لا توفر برامج الاستثمار عبر الاستثمار تدفقًا نقديًا فحسب، بل تؤثر بشكل غير مباشر على النسيج الاجتماعي للدول.
تحسن تصنيف جوازات السفر
تسعى الدول الكاريبية الخمس جاهدة للحفاظ على تصنيف جوازات سفرها وزيادة عدد الدول التي تسمح لحاملي جنسيتها بالدخول من دون تأشيرة. في العام 2024، تقدم جواز سفر سانت كيتس ونيفيس مركزًا واحدًا ليحتل المرتبة 25 بين جوازات السفر العالمية، مما يسمح لحاملي جواز سفرها الدخول بدون تأشيرة إلى 157 وجهة. واحتل جواز سفر أنتيغوا وباربودا المرتبة 27، مقارنة بالمرتبة 31 في عام 2023، مع إمكانية السفر بدون تأشيرة إلى 153 دولة ارتفاعًا من 150 وجهة في العام الماضي.
وحافظت سانت لوسيا على التصنيف ذاته، محتلة المركز 32، مع إمكانية الوصول إلى 148 دولة. واحتلت غرينادا المرتبة 32 هذا العام، مما يتيح لحاملي جواز سفرها الوصول إلى 148 دولة، مقارنة بالمرتبة 34 في عام 2023. وتقدم تصنيف جواز سفر دومينيكا من المركز 35 في العام الماضي إلى المركز 34 هذا العام، مما يتيح الوصول إلى 144 دولة.
وتعكس هذه التصنيفات المتقدمة القوة الدبلوماسية لهذه الدول وقدرة حاملي جوازات السفر على التنقل بحرية حول العالم، وبالتالي توفير مجموعة كبيرة من البدائل لأولئك الذين يبحثون عن المرونة وحرية التنقل العالمي.
تحسين الشرعية والنزاهة
وإدراكًا منها لأهمية معالجة المخاوف والهواجس التي أعربت عنها مجموعة من المنظمات الدولية وسلطات الاتحاد الأوروبي، اتخذت الدول الكاريبية بعض الخطوات لتحسين شرعية ونزاهة برامجها الخاصة، ومن ضمن الإجراءات المهمة التي تم اتخاذها:
-
تعزيز عمليات العناية الواجبة:
كثفت الدول الكاريبية جهودها لضمان منح الجنسية عن طريق الاستثمار 2024 للأشخاص الذي يستحقونها فقط. وعمدت إلى تحسين بروتوكولات العناية الواجبة من خلال إجراء تحقيقات وفحوصات واسعة النطاق لمعرفة كل ما يتعلق بخلفية مقدم الطلب وتاريخه الجنائي، وهذا يتضمن التحقق من مصادر الموارد المالية لمقدمي الطلبات في محاولة لاستبعاد احتمالية غسل الأموال وغيرها من الأعمال غير القانونية.
-
إصلاحات في الأنظمة والقوانين:
إدراكًا منها لاحتمال وجود بعض الفجوات في السياسات والقوانين، تعمل الدول الكاريبية باستمرار على تحديث الأطر القانونية التي تحكم مبادرات الجنسية عن طريق الاستثمار. ويستلزم هذا المسعى إدخال قوانين جديدة تهدف إلى تعزيز الشفافية ووضع آليات رقابية قوية، ويتمثل الهدف النهائي في ضمان الامتثال للمعايير العالمية، وبالتالي تعزيز القبول والسمعة العالمية للبرامج.
-
التعاون وتبادل المعلومات:
إدراكًا منها لأهمية التعاون، تقوم الدول الكاريبية بتبادل المعلومات بشكل فعال والعمل مع أعضاء الاتحاد الأوروبي الآخرين والمنظمات الدولية، بغرض حل المشكلات المتعلقة بالأمن والشفافية ومصداقية برامج الجنسية عن طريق الاستثمار. وتحاول هذه البلدان بناء الثقة بين جميع أصحاب المصلحة وتعزيز سلامة برامجها.
وتظهر الدول الكاريبية التزامها في الامتثال لأعلى المعايير في برامجها الجنسية عن طريق الاستثمار 2024 من خلال هذه الجهود التعاونية، وتحاول جاهدة حماية الامتيازات المتعلقة بإمكانية وصول حاملي جنسيتها إلى منطقة الشنغن في المستقبل إدراكًا منها لتلك المخاطر.
وضع مفيد للطرفين
تجدر الإشارة إلى أن امتياز الدخول إلى منطقة الشنغن بدون تأشيرة، ليس مفيدًا لحامي جنسية الدول الكاريبية فقط، وإنما يوفر أيضًا مزايا كبيرة لدول الاتحاد الأوروبي، لأنه من خلال جذب الأفراد والمستثمرين وأصحاب الثروات العالية، تستطيع تلك الدول الاستفادة من زيادة الاستثمار والنمو الاقتصادي، خصوصًا أن هؤلاء الأفراد غالبًا ما يساهمون في الاقتصاد من خلال الاستثمارات العقارية أو توسيع الأعمال أو الأنشطة المالية الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، فإن تكامل الثقافات المتنوعة يثري النسيج الاجتماعي لمنطقة الشنغن ويعزز مجتمع أكثر شمولًا وتسامحًا. وهذا بدوره يؤكد حقيقة أن الحفاظ على إمكانية الدخول إلى منطقة الشنغن ميزة مفيدة لكلي الطفرين، مما يعزز التأثير العالمي والتوسع الاقتصادي والتفاعل بين الثقافات.
من المرجح أن تحافظ برامج الجنسية عن طريق الاستثمار في البحر الكاريبي على صمودها ومرونتها، وألا تفقد ميزة الدخول إلى منطقة الشنغن بدون تأشيرة على الرغم من كل الشائعات السائدة، والتدابير الحالية. ولكن، نجاح هذه البرامج في المستقبل يحتاج إلى اهتمام متواصل بالتفاصيل والمرونة والالتزام بالجودة والانفتاح.