يتطلع المزيد من المستثمرين وأصحاب الثروات العالية حول العالم إلى برامج الجنسية عن طريق الاستثمار كملاذ آمن وفرصة مثالية لتحسن نوعية حياة أسرتهم نحو الأفضل والاستفادة من حرية التنقل حول العالم. وفي العام 2023، استمر الطلب على برامج الجنسية في النمو، مدفوعًا بالتوترات والاضطرابات الاجتماعية والسياسية السائدة في دول كثيرة، حيث يبحث المستثمرون عن خيارات مجدية لحماية ثرواتهم وضمان حرية تنقلهم.
وقد شهد العام 2023 الكثير من التغييرات، حيث طرحت الحكومات قوانين جديدة ووضعت أسعار جديدة، فعلى سبيل المثال، بادرت اليونان إلى زيادة قيمة الحد الأدنى المطلوب للاستثمار العقاري من 250 ألف يورو إلى 500 ألف يورو في المناطق الرئيسية، وأزالت البرتغال خيار الاستثمار العقاري دون إغلاق البرنامج، وضاعفت سانت كيتس الحد الأدنى لمبلغ الاستثمار.
ولكن ما الذي سيحمله العام 2024 من تطورات في مجال برامج الجنسية عن طريق الاستثمار؟ في هذا المقال سنسلط الضوء على أبرز التوقعات للعام الحالي والتغيرات المرتقبة التي قد تحدث.
البرامج الكاريبية: نمو متسارع
لقد كان العام 2023 استثنائيًا بالنسبة للبلدان الكاريبية التي تمنح برامج الجنسية عن طريق الاستثمار، حيث احتفظت البرامج الكاريبية بمكانتها الطليعية في مؤشر الجنسية[1] عن طريق الاستثمار لعام 2023. وعلى الرغم من التصعيد والضغوطات الدولية المنتظمة الذي بلغ ذروته في عام 2023، إلا أن أداء البرامج الكاريبية عبر الركائز التسعة للمؤشر لا يزال يعكس كفاءتها، ومرونتها وتكلفتها المقبولة مقارنة بغيرها من البرامج. ومن المرجح أن يستمر الطلب على تلك البرامج بالنمو خلال العالم الجاري، لا سيما في ظل تزايد الاضطرابات والصراعات العالمية.
القمة الأوروبية – الكاريبية
في أعقاب قمة الاتحاد الأوروبي وجماعة دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، أفادت التقارير أن الاتحاد الأوروبي وضع ستة مبادئ ينبغي اتباعها في برامج الدول الكاريبية للجنسية عن طريق الاستثمار، أهمها زيادة الحد الأدنى لقيمة الاستثمار، وإجراء المقابلات الإلزامية لجميع المتقدمين بطلب الحصول على الجنسية، وتعزيز عمليات العناية الواجبة، وفرض مراقبة حازمة على عملية تدف الأموال[2].
وفي هذا الإطار، قامت سانت كيتس ونيفيس بعد أسابيع فقط من انعقاد القمة، بمضاعفة الحد الأدنى لقيمة المساهمة المالية للتبرع من 125 ألف دولار إلى 250 ألف دولار، ورفعت الحد الأدنى للاستثمار العقاري من 200 ألف إلى 400 ألف دولار. ولم تحذ بقية دول الكاريبي حذوها بعد، ولكن من المتوقع أن تتخذ هذه الخطوة قريبًا.
برامج جديدة للإقامة والجنسية عن طريق الاستثمار
من المقرر أن تقدم المجر تأشيرة ذهبية[3] جديدة للمستثمرين في يوليو 2024، مما يسمح للمستثمرين من خارج الاتحاد الأوروبي بالحصول على الإقامة المجرية والوصول إلى منطقة الشنغن. يقدم البرنامج الجديد الذي يطلق عليه اسم “تصريح إقامة المستثمر الضيف” العديد من المسارات الاستثمارية، بدءًا من الاستحواذ على الصناديق العقارية والعقارات السكنية وصولًا إلى التبرع للأنشطة التعليمية أو العلمية أو الفنية أو الإبداعية في البلاد.
وعلى خلاف التأشيرات المماثلة التي تمنح الإقامة عادةً لمدة تصل إلى خمس سنوات، يسمح برنامج التأشيرة المجري بالإقامة فيها لمدة عقد كامل، ويمكن لحاملي التأشيرات أيضًا التقدم بطلب تجديد إقامتهم لمدة عشر سنوات أخرى بمجرد انتهاء المدة الأولى. وتعتبر تكلفة التأشيرة المجرية مقبولة جدًا مقارنة بغيرها من التأشيرات الذهبية في أوروبا مثل قبرص واليونان، حيث تبلغ قيمة الحد الأدنى للاستثمار 250 ألف يورو، وهذا عامل آخر يمنحها ميزة تنافسية.
ومن المقرر أيضًا إعادة إطلاق برنامج كيبك للمهاجر المستثمر[4] في بداية عام 2024، وهو برنامج رائد تم تعليقه سابقًا من قبل حكومة كيبك، ولكن مع متطلبات أكثر جزمًا من ضمنها إتقان اللغة الفرنسية، الأمر الذي سيؤثر بشكل كبير على الطلب من قبل المستثمرين الأجانب.
تعديلات رئيسية على برنامج التأشيرة الذهبية للبرتغال
وافق البرلمان البرتغالي مؤخرًا على بعض التغييرات المهمة في قانون جنسية البرتغال، حيث تناولت التغييرات فترات الانتظار الطويلة وأوجه القصور في عملية تقديم طلبات الإقامة التي واجهها مستثمرو التأشيرة الذهبية للبرتغال تاريخياً. وبموجب القانون الجديد، سيتمكن المتقدمون من احتساب فترة الخمس سنوات بدءًا من تاريخ تقديم طلب الإقامة، بشرط الموافقة عليه. هذا التغيير من شأنه أن يصحح الخلل الذي طال أمده في النظام ويجلب الأمل والعدالة والحماس للمستثمرين الذين يتطلعون إلى البرتغال كوجهة للعيش والاستثمار.
تصريح الكتروني لحاملي جنسية دومينيكا وفانواتو لدخول المملكة المتحدة
واجهت دومينيكا وفانواتو، الدولتان اللتان تعتمدان بشكل أساسي على برامج الجنسية عن طريق الاستثمار، خلال العام الماضي تحديًا تمثل بفقدان قدرة حاملي جنسيتها على دخول المملكة المتحدة بدون تأشيرة. ولكن، قد تؤدي المناقشات الجارية مع المسؤولين في المملكة المتحدة إلى أن يصبحا جزءًا من تصريح السفر الإلكتروني الذي تم تقديمه حديثًا في المملكة المتحدة، مما يسمح لحاملي الجنسية السفر إلى المملكة المتحدة من خلال التصريح الإلكتروني فقط، دون الحاجة إلى تقدم طلب الحصو على التأشيرة في إحدى سفارات وقنصليات المملكة المتحدة في الخارج.
تركيا تستعد لزيادة الحد الأدنى للاستثمار العقاري
خضع برنامج الجنسية التركية عن طريق الاستثمار لتعديلات من قبل الحكومة، حيث من المقرر أن ترتفع قيمة الحد الأدنى للاستثمار المطلوب للحصول على الجنسية من خلال الاستثمار العقاري من 400 ألف إلى 600 ألف دولار اعتبارًا من العام 2024. وسيدخل هذا التوجيه الذي قدمته مديرية إدارة الهجرة بوزارة الداخلية حيز التنفيذ في بداية العام الجاري.
وفي أعقاب الحرب الروسية على أوكرانيا، ظهرت دول في الشرق الأوسط خصوصًا تركيا والإمارات كخيارات مثالية للأثرياء الروس الفارين من الحرب. وفي عام 2024، من المتوقع أن يحافظ البرنامجان على حظوتهم الشعبية في المنطقة، علمًا أن بلدان أخرى بدأت تتطلع للحصول على حصة من برنامج الجنسية عن طريق الاستثمار، حيث أطلقت مصر مؤخرًا برنامجًا لمنح الجنسية من أجل المنافسة على المستوى الإقليمي.
ولكن في الخلاصة، ينبغي على المستثمرين والراغبين في الحصول على جنسيات ثانية مراقبة التطورات التي تحدث في البلدان التي تقدم برامج الجنسية عن طريق الاستثمار عن كثب خلال العام الجاري.
[1] https://cbiindex.com/2023-report/
[2] https://cbiindex.com/2023-report/
[3] https://www.reuters.com/world/europe/hungary-government-relaunch-golden-visa-programme-2023-11-16/
[4] https://www.quebec.ca/en/immigration/immigrate-business/investors/conditions