بفضل موقعها الاستراتيجي جنوب شرق أوروبا وعلى البحر الأبيض المتوسط، إلى جانب تراثها الثقافي الغني واقتصادها الديناميكي والفرص الاستثمارية الواعدة، تعتبر اليونان وجهة جذابة للمستثمرين الراغبين في الحصول على الإقامة الأوروبية. وعلى مدار السنوات، أثبتت اليونان قدرتها على توفير الاستقرار السياسي والاقتصادي وبيئة الأعمال المحفزة للنمو والاستثمار، فباتت خيارًا مثاليًا للمستثمرين الذين يرغبون في جعلها موطنهم الثاني والاستفادة من فرص الأعمال المتنوعة التي تقدمها.
يمنح برنامج التأشيرة الذهبية اليونانية للاستثمار حق الإقامة للمواطنين من دول خارج الاتحاد الأوروبي، مما يسمح للمستثمرين وعائلاتهم بالعيش والتنقل بحرية داخل منطقة الشنغن. وتعتبر تأشيرة اليونان من بين البرامج الأقل تكلفة في أوروبا، حيث تقدم لحامليها إمكانية الاستمتاع بالحياة الحديثة والتاريخ الغني، بما في ذلك الاستفادة من خدمات الرعاية الصحية والتعليم. ومن متطلبات تأشيرة الاستثمار في اليونان شراء عقار بقيمة 500 ألف يورو في المناطق الأساسية و250 ألف يورو في مناطق أخرى.
في هذا المقال، سنتناول المشهد الاستثماري في اليونان ونلقي الضوء على الفرص الاستثمارية الواعدة في القطاعات الأكثر نموًا، وعن أهمية الحصول على التأشيرة الذهبية اليونانية للاستثمار.
الفرص الاستثمارية الواعدة في اليونان
الشركات الناشئة تكتسب زخمًا قويًا
تشهد منظومة الشركات الناشئة في اليونان نموًا سريعًا، مدفوعة بموقعها الاستراتيجي، وإرثها الغني في مجال العلوم والتكنولوجيا، وتطور بنيتها التحتية.
من أثينا إلى سالونيك، تستقطب الشركات الناشئة في قطاعات الذكاء الاصطناعي، وتقنية البلوك تشين، والطاقة، والنقل اهتمام المستثمرين المحليين والأجانب. وبفضل الدعم الحكومي، والشبكة القوية من حاضنات ومسرعات الأعمال، والكوادر الموهوبة، تزخر الشركات الناشئة بإمكانيات كبيرة للتوسع والاضطلاع بدور مهم في مشهد الابتكار العالمي.
وقد شهدت منظومة الشركات الناشئة في اليونان تحولًا مذهلًا خلال السنوات الست الماضية، حيث أشار تقرير صادر عن Found.ation وEIT Digital إلى أن التمويل[1] من قبل شركات رأس المال المغامر ارتفع من 50 مليون يورو في عام 2018 إلى 670 مليون يورو في عام 2021، مما يدل على نمو ملحوظ في مسار الاستثمار.
وقد لعبت الحكومة اليونانية دورًا حاسمًا في إرساء بيئة داعمة للشركات الناشئة من خلال العديد من المبادرات الرئيسية، أهمها توفير الحوافز الضريبية للمستثمرين الملائكة وإنشاء السجل الوطني للشركات الناشئة، الذي قدم رؤية أوضح لهذه المنظومة مما ساهم في تقليل مخاطر الاستثمار وتشجيع مشاركة المستثمرين.
وتشمل الإصلاحات التشريعية التي تعزز الابتكار إعفاءات ضريبية على الدخل للشركات الناشئة التي تستخدم براءات اختراع معترف بها دوليًا، بالإضافة إلى تقديم إعانات كبيرة للشركات الصغيرة والمتوسطة الجديدة. تعكس هذه الجهود التركيز الاستراتيجي على تعزيز الابتكار وجذب الاستثمارات لهذا القطاع الواعد. لذلك، فإن برنامج الإقامة في اليونان عن طريق الاستثمار سيكون خيارًا مثاليًا للاستثمار في منظومة الشركات الناشئة.
من السياحة التقليدية إلى خيارات أكثر حداثة
تمتلك اليونان أكثر من 6 آلاف جزيرة صغيرة وكبيرة وأكثر من 16 ألف كيلومتر من السواحل، بالإضافة إلى قطاع سياحي راسخ، يخولها تقديم فرص استثمارية واعدة.
وتعد البلاد واحدة من أبرز الوجهات السياحية العالمية لقضاء العطلات الصيفية على الشواطئ، كما توفر عروضًا جذابة للعطلات ذات الطابع الخاص على مدار العام.
ساهمت مميزات اليونان التنافسية، مثل تراثها الثقافي الغني، وجمالها الطبيعي، وتنوعها الجغرافي، في استقطاب استثمارات سياحية كبيرة في السنوات الأخيرة، مما عزز مكانتها كوجهة مثالية للعطلات والاستثمارات السياحية.
خلال السنوات القادمة، تتجه اليونان[2] إلى ضخ استثمارات كبيرة في صناعة السياحة، مع التركيز على تحويل المنتج السياحي التقليدي أي “الشمس والشاطئ” إلى منتجات ذات قيمة أعلى وأكثر تخصصًا، تتوزع عبر عدة مجالات رئيسية هي:
- السياحة الشاطئية ذات الطابع الخاص: تعزيز الخدمات التقليدية لقضاء العطلات على الشاطئ من خلال بناء المنتجعات الفخمة للعناية والاهتمام بالصحة والعافية.
- السياحة البحرية: توسيع عوامل الجذب لرحلات السفن السياحية وخيارات الإبحار واليخوت.
- سياحة المدن القصيرة: الترويج للإقامات القصيرة في المدن الرئيسية، وخاصة أثينا وسالونيك.
- السياحة الثقافية والدينية: تحسين المواقع التاريخية والتراثية والدينية لجذب الزوار.
- سياحة المؤتمرات والمعارض: تعزيز مكانة اليونان كموقع رئيسي للمؤتمرات والمعارض والفعاليات.
- السياحة الرياضية: الترويج للأنشطة الرياضية مثل الجولف والمخيمات التدريبية لجذب السياح المهتمين بالرياضة، مما يساعد على تطوير وجهات سياحية جديدة، واستقطاب أصحاب الثروات العالية.
- المنتجعات المتكاملة: تطوير مشاريع سكنية للعطلات في الوجهات الحالية والناشئة، بالاستفادة من التشريعات التي تسهل تصاريح الإقامة للمستثمرين غير الأوروبيين في العقارات.
سيتم دعم هذه المشاريع السياحية من خلال مبادرات أطلقتها الحكومة اليونانية والمنظمة الوطنية للسياحة اليونانية. لذا إن الحصول على برنامج الإقامة في اليونان عن طريق الاستثمار يوفر للمستثمرين فرص استثمارية هائلة وأرباحًا كثيرة.
التجارة الإلكترونية: إمكانيات كبيرة للنمو
على الرغم من التقدم المحرز في السنوات القليلة الماضية، لا تزال اليونان تملك إمكانيات كبيرة للنمو في مسيرتها نحو التحول الرقمي. تحتل البلاد المرتبة 22 في الرقمنة بين دول الاتحاد الأوروبي الـ27، وفقًا لمؤشر الاقتصاد الرقمي الكلي[3].
ويعد قطاعي التجزئة والضيافة من القطاعات الاقتصادية الأكثر استفادة من عملية التحول الرقمي في التجارة الإلكترونية. وفي حال تم تفعيل الآليات الصحيحة، يمكن لليونان زيادة القيمة المضافة الإجمالية لقطاعات التجزئة والضيافة بأكثر من 20٪ لكل منهما، بما يقدر بنحو 1.6 مليار يورو و3 مليارات يورو على التوالي.
ثمة إمكانيات كبيرة لإنشاء أسواق رقمية للسلع المحلية والدولية، ودعم العلامات التجارية لإنشاء قنوات بيع عبر الإنترنت. ويمكن للمستثمرين الدخول إلى السوق من خلال التقنيات التي تحسن أوقات التسليم وتخفض التكاليف، والحلول التي تُبسط إدارة المخزون وتسليم الطلبات.
كما توجد فرص لإنشاء شركات لتحليل سلوك المستهلكين، والتي يمكن أن تساعد تجار التجزئة على فهم المستهلك وتفضيلاته واتجاهاته، بالإضافة إلى تقنيات تقدم توصيات منتجات مخصصة وتسويقًا فرديًا. وانطلاقًا من هذه الفرص الواعدة في قطاع التجارة الإلكترونية، فإن المستثمرين الذين يسعون للحصول على برنامج الإقامة في اليونان عن طريق الاستثمار يمكنهم الاستفادة من الإمكانات الاستثمارية الواسعة المتاحة.
الذكاء الاصطناعي: قطاع واعد
يُعد الذكاء الاصطناعي من أبرز الابتكارات في الثورة الصناعية الرابعة، ومحركًا رئيسيًا لزيادة القدرة التنافسية للأعمال وتحسين الخدمات العامة. يتزايد وعي الشركات اليونانية حول الحاجة إلى التكيف السريع مع التقدم التكنولوجي والممارسات المستدامة لتعزيز قدرتها التنافسية واستمراريتها على المدى الطويل، ولكن، لا تزال الاستثمارات في هذا المجال محدودة.
من المتوقع أن يُسهم الذكاء الاصطناعي التوليدي في زيادة الناتج المحلي الإجمالي لليونان بنسبة 6٪ خلال عشر سنوات[4]، بقيمة تتراوح بين 10 و12 مليار يورو.
ويملك المستثمرون الذين يتطلعون للحصول على برنامج الإقامة في اليونان عن طريق الاستثمار فرصًا كبيرة لإنشاء شركات متخصصة بقطاع الذكاء الاصطناعي في اليونان، وذلك بفضل المنظومة التكنولوجية المتطورة في البلاد. كما أن هناك مجموعة متزايدة من المواهب التقنية، حيث تخرّج الجامعات مثل الجامعة التقنية الوطنية في أثينا وجامعة سالونيك كوادر مؤهلة في علوم الكمبيوتر والمجالات ذات الصلة.
اقرأ أيضاً ارتفاع في طلبات التأشيرة الذهبية اليونانية واللبنانيون والمصريون يتزاحمون على التقديم
التحول الزراعي
تبقى الزراعة في اليونان من القطاعات المهمة اقتصاديًا، حيث تمثل صادرات المنتجات الزراعية ثلث إجمالي الصادرات في البلاد[5]. وتُسهم الزراعة بنسبة 4.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وتتميز بمزارع صغيرة واستثمارات رأسمالية منخفضة.
قد يكون للمستثمرين دورًا جوهريًا في هذا المجال، حيث يمكنهم تقديم المعرفة الفنية وإمكانية الوصول إلى الأسواق للمُنتجين اليونانيين لزيادة القيمة المضافة والتنافسية في الأسواق الأوروبية. هناك إمكانيات كبيرة لإنشاء شركات تهدف إلى تطوير سلسلة الإمداد الزراعي لضمان الكفاءة، وتطوير منتجات مبتكرة للمحاصيل عالية القيمة مثل الزيتون، الزعفران، الفستق، والعسل.
كما توجد فرص واسعة في مجالات التسويق والبيع لاختراق الأسواق المتقدمة، ويمكن الجمع بين الإنتاج المحلي والمعرفة الفنية لتحقيق عوائد عالية للمستثمرين المهتمين باستثمارات استراتيجية داخل هذا القطاع. بفضل هذه الفرص الواعدة في القطاع الزراعي، يمكن للمستثمرين الذين يسعون للحصول على برنامج الإقامة في اليونان عن طريق الاستثمار الاستفادة من الإمكانات الكبيرة التي يوفرها القطاع.
الطاقة المتجددة: لاعب رئيسي في مزيج الطاقة
إن توافر الإمكانيات الكبيرة للطاقة المتجددة (الرياح، الطاقة المائية، الكتلة الحيوية، الطاقة الحرارية الأرضية، الطاقة الشمسية) جنبًا إلى جنب مع المشاريع الكبيرة في البنية التحتية، تعزز من مكانة اليونان كلاعب رئيسي في تشكيل مزيج الطاقة في الاتحاد الأوروبي، وتوفر فرصًا استثمارية كبيرة في جميع قطاعات الطاقة[6].
ومن المتوقع أن ينمو قطاع الطاقة في اليونان بشكل كبير في السنوات القادمة، مدفوعًا بعدة عوامل، أهمها الحاجة إلى تحسين مزيج الطاقة، بما في ذلك خفض نسبة استخدام الكهرباء المولدة من الوقود الأحفوري وزيادة مساهمة حلول الطاقة المتجددة. أهم الفرص الاستثمارية تشمل خصخصة الأصول الحكومية، وبناء بنية تحتية جديدة لنقل الغاز الطبيعي، ومشاريع الطاقة المتجددة، والمناقصات الدولية للهيدروكربون، لذلك، يمكن للمستثمرين الذين يسعون للحصول على برنامج الإقامة في اليونان عن طريق الاستثمار الاستفادة من هذه الإمكانيات.
متطلبات تأشيرة الاستثمار في اليونان
للتأهل للحصول على التأشيرة الذهبية اليونانية للاستثمار، يجب أن يكون مقدم الطلب مواطنًا من دولة غير تابعة للاتحاد الأوروبي أو المنطقة الاقتصادية الأوروبية، ويبلغ من العمر 18 عامًا على الأقل، وأن يكون لديه سجل جنائي نظيف وتأمين طبي له ولأسرته، ويجب أن يكون حسن السيرة والسلوك. إن عملية الإقامة للمستثمرين في اليونان ترتب عليهم اتباع الخطوات القانونية، وشراء عقار، وملء طلب الحصول على التأشيرة، وسيحتاج المستثمر إلى تقديم جميع البيانات البيومترية إلى السلطات المختصة في اليونان، على أن يتم بعد ذلك سيتم إصدار بطاقة إقامة التأشيرة الذهبية له.
مصادر المعلومات
[1] https://thefoundation.gr/2023/12/14/startups-in-greece-2023-2024-venture-financing-report/
[2] https://www.enterprisegreece.gov.gr/en/invest-in-greece/sectors-for-growth/tourism
[3] https://www.mckinsey.com/capabilities/mckinsey-digital/our-insights/digital-commerce-a-growth-opportunity-for-greece
[4] https://cms.implementconsultinggroup.com/media/uploads/articles/2024/The-economic-opportunity-of-generative-AI-in-Greece/The-economic-opportunity-of-AI-in-Greece.pdf
[5] https://www.privacyshield.gov/ps/article?id=Greece-Agricultural-Sector#:~:text=and%20trade%20data.-,Overview,farms%20and%20low%20capital%20investment.
[6] https://www.enterprisegreece.gov.gr/en/invest-in-greece/sectors-for-growth/energy